
أسئلة وأجوبة حول "غلطات" رواد الأعمال وأهمية الاستفادة منها في مسيرتهم المهنية.
نبذة عن الحلقة:
في هذه الحلقة، يشارك الأستاذ خالد القنيعة رحلته في عالم ريادة الأعمال، متحدثًا عن تحديات بناء الفريق الأول وأهمية اختيار المواهب المناسبة لضمان نجاح الشركة الناشئة. يناقش الأخطاء الشائعة في التوظيف، وضرورة اتخاذ القرارات الصعبة بسرعة للحفاظ على أداء الفريق. كما يتناول الاستثمار في الشركات الناشئة، متى يكون ضروريًا، وأفضل الطرق لجذب المستثمرين والتحضير الفعّال للجولات الاستثمارية. يسلط الضوء على كيفية التعامل مع الأخطاء، وأهمية التعلم المستمر بدلًا من الخوف من الفشل. يناقش مستقبل البودكاست، وما إذا كان مجرد توجه مؤقت أم فرصة لصناعة محتوى مستدام. وأخيرًا، يشارك القنيعة رؤيته حول تحقيق التوازن بين النجاح المهني والحياة الشخصية دون التأثير على الشغف والطموح. نود أن نوضح أننا اخترنا فقط بعض الأسئلة من البودكاست، ولكن يمكنكم مشاهدة والاستماع إلى البودكاست الكامل على يوتيوب. الحلقة الثامنة من "غلطات" مع خالد القنيعة.
خالد القنيعة: من الطب إلى ريادة الأعمال – مسيرة في صناعة المحتوى
خالد القنيعة هو المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة "محتوايز" منذ مايو 2017 في المملكة العربية السعودية، حيث نجح في تطوير منصته لتكون واحدة من أبرز الجهات المتخصصة في صناعة المحتوى الرقمي. رغم خلفيته الأكاديمية في الطب، حيث حصل على بكالوريوس الطب والجراحة من جامعة الملك سعود بن عبد العزيز للعلوم الصحية عام 2019، اختار القنيعة دخول عالم الأعمال والمحتوى الرقمي، ليصبح أحد أبرز رواد هذا المجال في المملكة. شغل منصب كبير الموظفين في منصة "ليندو" بين أكتوبر 2023 ويناير 2025، حيث ساهم في تطوير استراتيجيات المحتوى وتعزيز نمو المنصة. كما كان عضوًا في مبادرة "مشروع 1932" بين أغسطس 2020 ومارس 2022، وهي مبادرة تهدف إلى توثيق وإبراز الأحداث التاريخية بأسلوب رقمي مبتكر. يعكس مسار القنيعة شغفه بالتحول الرقمي وريادة الأعمال، مقدمًا نموذجًا فريدًا للانتقال من المجال الطبي إلى قيادة المشاريع الناشئة في المحتوى الرقمي.
في البداية، قررت ترك مجال الطب والدخول في عالم مختلف تمامًا، ثم اخترت التخصص في البودكاست، رغم أنه مجال جديد وصعب. برأيك، أي الخيارين أفضل؟
علينا التفريق بين نوعين من رواد الأعمال. إذا كنت تبني شركة فقط من أجل السوق ولتحقيق أرباح للمساهمين والملاك، فهذا اتجاه مختلف تمامًا. أما أنا، فقد بدأت لأنني أحب البودكاست. تحولت إلى شركة لأنني كنت مجبرًا على ذلك من أجل تلبية احتياجات العملاء الأوائل. كانت هناك العديد من الخيارات أمامي، لكننا بدأنا في وقت لم يكن فيه أحد يعرف ما هو البودكاست. كنا نطرق أبواب الشركات الكبرى، ونجتمع معهم لتعريفهم به، وكانوا يتساءلون: "ما هو البودكاست؟". قضينا سنة كاملة نحاول نشر الوعي حوله، ونشرح لهم أنه ليس إذاعة راديو، وليس مجرد تسجيلات صوتية تُرسل عبر "واتساب". بصراحة، فعلت ذلك لأنني أحب هذا المجال، ولو كنت قد بدأت شركة في قطاع آخر، لكنت قد توقفت بعد سنة. الآن، بعد خمس أو ست سنوات، أؤمن تمامًا بأنّ ريادة الأعمال يجب أن تكون في مجال تحبه، لأن التحديات والصعوبات ستكون كثيرة، وإذا لم تكن لديك شغف بما تفعله، فسيكون من السهل عليك التوقف.
كلمة "البودكاست" تعتبر كلمة جديدة، بل ويمكن اعتبارها صناعة جديدة نسبيًا. كيف قررت التركيز على البودكاست، رغم أنّ عالم الإعلام واسع جدًا؟ هل كان قرارك بناءً على احتياج السوق، أم لأنّ الخدمة لم تكن متوفرة بعد؟
لنعد خطوة إلى الوراء، خبرتي في مجال الأعمال كانت محدودة جدًا. كنت أتعلم مع كل خطوة، وكنت محظوظًا بأنني استطعت الاستفسار من أشخاص ذوي خبرة، سواء عبر منصات مثل "لينكد إن" أو غيرها. لم يكن لدي شبكة معارف في ريادة الأعمال، فقد كنت أعرف فقط طلاب طب أو أطباء استشاريين. لذلك، كنت أسأل الكثير من الأسئلة، وكان من أهم النصائح التي تلقيتها: "لا تشتت نفسك، لا تحاول استهداف سوق ضخم منذ البداية، بل ركز على سوق صغير ثم توسع منه". فكرت فيما أحب، ووجدت أنني أحب البودكاست، فقررت أن أكون متميزًا فيه. سلسلة الإمداد أو القيمة المضافة في البودكاست مقسمة إلى عدة مراحل: الإنتاج، النشر، التوزيع، التسويق، والإعلان. لكننا بدأنا بالإنتاج، وبفضل الدعم من مستثمرين ورواد أعمال من مختلف المجالات، تمكنا من التوسع والنجاح تدريجيًا، وأتممنا العديد من الجولات الاستثمارية، كان آخرها مع شركاء مميزين في هذا المجال.
أنتجت مئات الحلقات الصوتية في البودكاست، وهذه أول مرة تكون فيها ضيفًا. كيف هو إحساسك وأنت الآن تتذوق الطبق الذي كنت تطهوه؟
الكثير من الناس لا يدركون مدى الرهبة التي يشعر بها الضيف عند التحدث تحت الأضواء، خاصة إذا كان في مواجهة جمهور أو كاميرات، لكنه فعل شجاع أن يجلس الضيف ويثق بمعلوماته ويتحدث. لقد سجلنا مع أكثر من 500 ضيف، والآن يمكنني تقدير جهودهم بشكل أكبر. حتى دور المقدم يُعد تحديًا كبيرًا، فهو يحتاج إلى مهارات تحاور جيدة، وهذا جانب لا يلتفت إليه كثير من الناس.
أستاذ خالد، في ريادة الأعمال هناك أخطاء شائعة. برأيك، ما هي أكثر الأخطاء الشائعة التي لاحظتها؟
بصراحة، أكبر خطأ رأيته بعد ثلاث سنوات هو أن الكثير من الشركات، سواء كانت صغيرة أو متوسطة، لا تمتلك مؤشرات أداء. نعمل كل صباح ونجتهد، وفي نهاية الشهر نشعر بالراحة والفخر بما أنجزناه، ولكن إن لم يكن هناك هدف، فكل شخص سيعمل في اتجاه مختلف، وكل فرد سيشد من جانب مختلف، مما يؤدي إلى غياب الوضوح لدى الفريق بشأن ما سيحدث خلال سنة. بعد مرور ثلاث سنوات، أعتقد أنه في عامي 2020 و2021 بدأنا بوضع خطط سنوية، ثم خطط ربع سنوية لكل ربع من السنة. الفرق كان عظيمًا، والأثر كان ممتازًا، حيث أصبح الفريق بأكمله مدركًا لما يجب عليه فعله، وحتى التوظيف أصبح أسهل؛ فنحن نوظف ليس لأننا نرغب بذلك فقط، ولكن لأننا بحاجة لتحقيق أهداف معينة.
لو عاد بك الزمن إلى الوراء، هل كنت ستقوم بتحديد الأهداف منذ البداية؟ وكيف يمكن لشخص مبتدئ أن يحدد هذه الأهداف؟ هل يعتمد على دراسة السوق والمنافسين، أم على قدراته الداخلية؟
أنت قلت إن هناك مليون فرصة ويمكن التوجه لأي اتجاه، لكن إن لم تضع أهدافًا، فلن تتجه إلى أي مكان. من أفضل الطرق، إذا كنت لا تزال في بداية رحلتك، أن تنظر إلى الشركات في قطاعك، مثلاً إذا كنت في قطاع البودكاست، فما هي المؤشرات التي تهتم بها الشركات في هذا المجال؟ هل يهتمون بعدد المستمعين؟ بعدد الحلقات المنتجة؟ بسرعة العمليات؟ هذه مؤشرات متخصصة في مجالك، وهناك أيضًا مؤشرات عامة تهم أي شركة، مثل عدد العملاء المحتملين، أو مدة إتمام الصفقات، أو حجم المبيعات، أو معدل تجديد الاشتراكات. في الموارد البشرية، يمكن أن تكون المؤشرات مثل مدة بقاء الموظف في الشركة، أو معدل دوران الموظفين. في التسويق، هناك مؤشرات أخرى. يمكنك البدء بخمسة مؤشرات على الأقل، فهذا عدد جيد كبداية.
أستاذ خالد، ما هي أبرز الدروس التي اكتسبتها خلال مسيرتك في ريادة الأعمال؟
-
أهمية التدرج الوظيفي في بناء القائد: تعلمتُ أنه لا بد من أن يمر القائد بمراحل متعددة في مسيرته المهنية، وأن الخبرات المكتسبة من العمل في وظائف متنوعة تُسهم في تشكيل الشخصية القيادية، وتمكنه من اتخاذ قرارات استراتيجية بفعالية.
-
التعامل مع الأخطاء والتعلم منها: أدركتُ أن الأخطاء هي جزء طبيعي من الرحلة الريادية، ومن خلال تقسيم المشكلات وتحليلها، يمكن تحويلها إلى فرص للتحسين والتطور المستمر في العمل.
-
توظيف الأشخاص المناسبين في الوقت المناسب: فهمتُ أن الاختيار الصحيح للموظفين في مراحل نمو الشركة له دور كبير في ضمان استدامة النجاح، مع أهمية اتخاذ قرارات سريعة وحاسمة عند الحاجة لتبديل أعضاء الفريق للحفاظ على الأداء العام.
-
أهمية الاستمرارية في العمل: تعلمتُ أن الاستمرارية هي أساس النجاح في أي مشروع. البودكاست يُظهر كيف أن العديد من المشاريع الناشئة تواجه تحديات، ولكن الاستمرار في تقديم المحتوى والتحسين المستمر يمكن أن يؤدي إلى النجاح رغم الظروف الصعبة.
الخاتمة
شكرًا لك أستاذ خالد القنيعة على مشاركتك تجربتك الريادية المميزة. تحدثت عن مسيرتك الرائعة من خلال تسليط الضوء على محاور أساسية في رحلتك: من الانتقال من الطب إلى ريادة الأعمال وكيف ساعدتك المهارات الطبية في اتخاذ القرارات المدروسة، إلى التحديات التي واجهتها خلال رحلة التأسيس وبناء فريقك، وأهمية التعامل مع الاستثمار بشكل مدروس لتحقيق النمو المستدام. لقد قدمت نصائح قيمة ستساعد العديد من رواد الأعمال في اتخاذ خطواتهم الأولى بثقة، وتأسيس مشاريعهم بنجاح. نتمنى أن يكون حديثك مصدر إلهام للكثيرين. يمكنكم مشاهدة والاستماع إلى البودكاست الكامل على يوتيوب: الحلقة الثامنة من "غلطات" مع خالد القنيعة.