"مقبرة الشركات الناشئة" تعبير شائع يشير إلى الشركات التي تفشل وتنسحب من السوق. حسب العديد من الدراسات، تصل نسبة هذه الشركات إلى 90٪ دون أن تقتصر على أصحاب الخبرة القليلة أو التمويل الضعيف.
وفقاً لموقع Killed by Google، أقفلت جوجل ما يقارب 267 مشروعاً من خدمات وتطبيقات وأجهزة. كذلك جيف بيزوس، رئيس شركة أمازون، يتحدّث عن مليارات الدولارات التي خسرها في مشاريع فشلت، مثل Amazon Destinations التي أطلقها كوكالة سفر محلية لكنها لم تستمر بسبب المنافسة الشديدة.
تعالَ نبحث في قصة شركتين كان مصيرهما الإقفال لنتعلّم دروساً مهمة عن النمو والاستمرار في عالم روّاد الأعمال.
1) Dinnr
عام 2012، انطلقت Dinnr في المملكة المتحدة بدعم 275,000 ريال من التمويل. الشركة عبارة عن موقع تزوره لتختار وصفة طعام تودّ إعدادها في المنزل، فيتم إرسال مكوّناتها إليك بالمقادير المطلوبة وفي اليوم نفسه. أي بدلاً من الذهاب إلى السوبرماركت والبحث عن الوجبة التي تريد تحضيرها وثم شراء متطلباتها، تختصر الوقت والجهد ويصلك كل شيء إلى منزلك.
بدت الفكرة ناجحة لصاحبها وليتأكّد من فعاليتها، قام باستطلاعات رأي ومقابلات فردية، حيث وجد إقبالاً عالياً لدى الجمهور بنسبة 70٪. جهّز مخزنه واشترى كميات كبيرة من المنتجات وأعلن إطلاق شركته. في الأسبوع الأول، حصل على 12 طلباً فقط لكنه لم يستسلم. واصل دعمه للمشروع وبحث في أفكار جديدة وركّز على استقطاب عملاء جدد حتى وصل بعد 15 شهراً إلى معدّل طلب واحد يومياً. عندها، فقد إيمانه بالفكرة وانسحب من السوق.
لا جدال حول فشل Dinnr لا سيما مع انخفاض الطلب أو حتى انعدامه. فإذا بحثنا عن السبب الرئيسي، نجد أنه لم يكن هناك قيمة مضافة واضحة للمستهلك. نعم، الفكرة أعجبت الجمهور، لكن بوجود خدمة الديليفري لدى المطاعم وبانتشار متاجر السوبرماركت في كل المناطق، هل كان هناك حاجة فعلية لهذه الخدمة؟
الجواب ليس "لا" لأنّه لا يمكننا تجاهل إيجابيات Dinnr، سواء في تقديم وجبات مبتكرة وصحية أو في الحد من هدر المكونات التي تُسلّم بقدر مدروس. لكنّ الطلب بقي ضعيفاً لسبب ما، ربما هو غياب التسويق الكافي أو عدم وعي الناس بأهمية الخدمة، خاصة وأننا نرى اليوم شركات مماثلة تنجح في المملكة المتحدة، مثل gousto وHelloFresh.
2) ChaCha
هل تعلم أنه منذ حوالي 60 عاماً، كان الناس يتصلون بالمكتبة العامة في نيويورك للبحث عن معلومات؟ فلم تنطلق جوجل قبل 1998، وحتى حينها لم يكن البحث سهلاً من خلالها. لذلك، انطلقت شركة ChaCha عام 2006، وهي أشبه بمحرّك بحث يديره أشخاص حقيقيون عنك. فإذا كان لديك أي سؤال، ترسله عبر رسالة نصية وتنتظر الإجابة.
في تلك الفترة، لم تكن الإنترنت منتشرة كما هي اليوم ولا كان بحث جوجل متطوراً كما ذكرنا، حيث كان عليك التنقل بين 4 أو 5 صفحات من النتائج لتجد ما تبحث عنه. حصدت ChaCha شهرة واسعة آنذاك وجذبت ملايين الريالات من التمويل كما حصلت على عرض بيعها بحوالي 375مليون ريال، إلا أنّ مصيرها كان الإقفال عام 2016.
في 2011، طوّرت جوجل خوارزمية Panda التي أضعفت ترتيب كل نتائج البحث القائمة على جهد بشري، بما فيها نتائج ChaCha. ولأنّ الشركة كانت تحفظ إجاباتها في موقع إلكتروني يجني أمواله من الإعلانات، أثّرت هذه الخوارزمية وغيرها من محاولات جوجل لتطوير خدماتها على إيرادات الموقع. فانخفض عدد زوّاره ومشتركيه من المعلنين، وأصبحت ChaCha بحاجة إلى مزيد من التمويل لدفع أجور موظفيها.
للأسف، لم يكن لدى الشركة نموذج عمل مرن ينقذها من هذه المنافسة. فإذا قارنت الأمر بمنصة Quora، تجد أنّ في هذه الأخيرة أجواء مجتمعية تجذب الناس إليها حتى اللحظة، خاصة وأنّ من يقدّم الإجابات هم أعضاء المنصة نفسها وليسوا موظّفين مدفوعي الأجر، كما كان الحال في ChaCha.
لست وحدك إذا كنت قد أنشأت شركة وفشلت، لكن إن كنت تخطط لإطلاق شركة جديدة، احذر التوقعات المبالغ فيها، وادرس خطواتك جيداً، وتعلّم من هاتين القصتين أنه:
-
لا يكفي أن تنطلق من فكرة مبتكرة ومفيدة. حتى لو طرحتها على الجمهور ووجدت إقبالاً عليها، هذا لا يعني استعدادهم لإنفاق أموالهم عليها.
-
لا تنسَ أنّ خطر المنافسة قائم في كل وقت مهما بلغت درجة نجاحك. لذا، ضع خططاً بديلة وفكّر بطرق متنوّعة للتوسّع والاستمرار.
مدونات أخرى
هكذا تبدأ شركتك الناشئة بأقل كلفة ممكنة
حسب أحدث الإحصاءات يوجد 582 مليون رائد أعمال في العالم، %9 منهم عندهم شهادة جامعية في إدارة الأعمال و%33 منهم ما عندهم غير الشهادة المدرسية. بمعنى آخر، ما تحتاج الكثير عشان تبدأ شركتك الناشئة، وينطبق هذا على الجانب المادي.
شركتك الجديدة بين الذكاء البشري والاصطناعي
"في ظل التطور السريع للتكنولوجيا، لا غنى عن الذكاء الاصطناعي في عالم الأعمال. تعدّ أدواته القوية والمبتكرة سر نجاح الشركات، وزيادة كفاءتها، وتمكينها لاتخاذ قرارات استراتيجية ذكية. تحيّاتي إلى صديقاتي سيري وأليكسا وبالتأكيد جدّتي جوجل".
كن مؤثراً في ريادة أعمالك
اعتدنا على ربط ريادة الأعمال بالمكاسب المالية، لكنّ المشهد يتبدّل تدريجياً مع زيادة وعي المستهلك وتفاقم المشاكل التي لا تعالجها الحلول التقليدية بالفعالية المطلوبة. فالتأثير الإيجابي، اجتماعياً كان أم بيئياً، لم يعد مجرد إضافة، بل أصبح محوراً رئيسياً في عالم الأعمال.
كان ياما كان شركة ناشئة فاشلة
أحدث المدونات